ببساطة

ببساطة .

—————————————————–

1 – الكتابة البسيطة هي ما أعتبره أكثر .
الإنسان الذي أدهش السماء وهزّها , معجزة الله فيه كانت أنّه خُلق من شيء بسيط وتافه وغير متوقّع , لو أن الله خلق آدم من ضوء نجمة , أو مما يتناثر من جناح ملاك , أو من جواهر وأحجار ملوّنة من الجنّة , ما كنّا ولا كانت الشياطين .

لذلك أنا أحاول أن أكتب لكِ دوماً بموادي البسيطة التافهة والخام , بعرقي وطين الله حيث – حقاً – يطلع لك الإنسان فيّ .

بكل بساطة .. ” أنا أحبّك ” ..

هذا عرقي وتعبي , والآدميّة التي ما عرفتها إلا معك ..

———————–

2 – الانتباه إلى أنّي بدونكِ خفيف , ثقيل عليّ .

———————-

3 – بكاؤكِ يعني أن تقف كل الطّيور في السّماء مرّة واحدة , ثمّ تسقط على الأرض دفعة واحدة .

———————

4 – أنا ضائع , وهذا يعني ببساطة شديدة أنّني بلا حُضنٍ هذه الأيّام .
يعني أنّ خدّي لا يجد صدر ..
أنّ خدّي لا يجد صدر ; يعني أنّ أحلامي بلا مرفأ ..
هذا يعني أنّ البحّار الذي كان يقف أعلى الصّارية سقط من أعلى الصّارية ! ..
أنّ الطيّور التي كانت تحلّق فوق أوّل بقعة يابسة اختفت من فوق اليابسة ! ..
هذا يعني أن اليابسة نفسها اختفت ! , إذن أيّامي القادمة ليست لطيفة ..
هذا يعني أنّكِ البّحار , والصّارية , والطير , والأرض التي كان سيرسو عليها همّي .
واختفاؤكم جميعاً دفعة واحدة مقلقٌ بالنسبة إليّ , لأنّ هذا يعني أنّني قد أغرق .

حسناً .. بكل بساطة .
أنا أحبّكِ والله .

ولا أعرف لماذا أنا مُحتاجٌ للحلفان , لا أعرف لماذا أشهِد ربّنا على غرامي فيك .

الأمر بسيط ..
الله يحبني لأني أحبك , وأنا أحبك لأن الله يحبك ..
كلانا يحبك , لماذا أقسم لكِ على ذلك وأستدعي الله ليشهد معي .

أنا وهو , أنا وربنا , الصغير والكبير , ..

نحبك ..
إضحكي أرجوك , ضحكاتك تطلق الطير من صدري .

———————-

5 – ” إنتي مش في دمّي ” , أنتِ دمّي .

———————

6 – من بعيد – يبدو لي وجهكِ الأبيض , الناعم ; غيمتي إلى الله .
وأنا أجدّف على سحابة وآتي إليه .
مدّي يدكِ .

قد تبدين لي منديلا أبيضا في يد نبيّ , يهزّه لي فأصلي عليك ..

قد يبدو الأمر معقّدا , ومموّها , ومُراوغا , قد تبدو هذي الكلمات ليست كلمات , ومن يمشي على السطر الأخير ليس أنا , لم أعد بتلك الرشاقة , صرت أفقد اتّزاني أمامكِ .

وهذا يرعبني كثيراً .
قد أبدو أمامكِ وأمام الآخرين غاضباً , ساخطاً , ثائراً , لكنّني والله العظيم منكسِر ومتعبٌ وحزين .
قد يبدو الكلام غير الكلام , قد أقول ولا أقول , أغنّي ولا أغنّي ..
قد تُم تارارا تُم , بم بارارا بم ..

هه ! , هل أبدو لكِ الآن مختلا بعض الشيء , مهووسا بعض الشيء , متهوّراً بعض الشيء .
لكنني في حضورك أتعثّر في كلمتين , وحضن طويل , وفي عباءتك عندما تغادرين المكان .
كثيرةٌ أنتِ عليّ , وجميلة , قبلاتكِ في الهواء وأنتِ تجلسين في المقعد المقابل لي بلّونات عيد ملوّنة , يدكِ وهي تمسك يدي ; الطمأنينة التي يمنحها الله لي , أنّ كل شيء سيبقى على ما يُرام ,
ببساطة أنا أحبّك ..
هذا حقيقي وحياة ربّنا , كما أنّه فريد , كما أنّه لا يُحتَمَل .

لا يُحتمَل , شيء يشبه سقوط ملَك هائل من السماء على عصفور صغير ..

———————-

7 – في هذي العلاقة :

أنتِ الست
.
.
لكن انا برضو عندليب .

———————-

8 – الكلام الذي طار من يدي , حطّ مرة أخرى على يدي .

برغم أنّه بسيط , برغم أنّه خفيف , برغم أنّه يطير ويحط برشاقة متناهية , إلا أنّ ما أطيّره إليكِ يعودُ إليّ ! ..
” أيوا أنا أحبّك ” .

ولا أعرف شيئا يطير ويحط ببراعة مثل هذا .

———————

9 – أشهد الله أنّي سامحتك , وأطلقت الآن من قلبي الطير الذي لكِ في داخلي

——————–

10 – ( ما يمنعني من الكَلام , خوفي ألّا ننام ) .
يحدث كثيراً أن أعود بذاكرتي سنوات إلى الوراء ..
إلى المَكان الذي سقط فيه قلبي على الطّريق , عندما كنت أحاول البحث عنه ..
ثمّ جئتِ أنتِ من ورائي , كنتِ تحملين شيئاً , مددتِ يدكِ إليّ وقلتِ :

مرحبا , هل هذا القلب يخصّك .!
هكذا , بكلّ بساطة نقع في الحبّ .

——————–

11 – تقول :
منذُ فترة ليست بالقصيرة , لم تمشِ على أيّ سطر كما كنت تفعل سابقاً .

لا بخفّة , ولا برشاقة , ولا بنفس السّرعة التي كنت تعبر بها أيّ سطرٍ من أمامي , الغيم الذي كان يعصره الله داخل قلبكَ انتهى .

كنتُ أمدّ راحتيّ تحت وجهك حتّى يحط الريش والماء عليهما , الآن طارت حماماتك , وعيناكَ لم تعد تمدّاني بالمطَر , عُشب يديّ الذي كان يقرأك ماعاد طويلاً ولا أخضرّ منذ أخر حرف تركته على أصابعي .
…… حسناً :
– ( أنا أحبّك ..
ها أنا الآن أخضر وطويل )

———————

12 – أنا أتعامل مع هذا الأمر الصعب جداً ; ببساطة جداً .
لا أنكر أنّي في الماضي كنت أرمي الأحجار في البُحيرة التي بيني وبينك , وأعدّ الدوائر حتّى أحرّك الراكد منّا .

لكنّ الدّوائر بدأت تضيق , والأحجار صارت تنفذ , ثمّ فهمت ..
فهمت جيداً أن ما بيننا أبعد من مرمى حجر , وأعمق من بحيرة , وأكثر اتّساعاً من ألف دائرة .
وأهم من أيّ مناورات …

أنتِ لم تفهمي هذا , ولم تستوعبيه أيضا , وعندما وضعت عصاكِ داخل صدري لتقيسي عُمق البحيرة ; غاصت عصاكِ كثيراً , وأوجعني قلبي كثيراً .

ومع ذلك تعاملتِ معي مثلما يتعامل طفل مع عصفور على شجرة , هززتِ السّاق بعنف شديدٍ وطرتُ .
وكان من الأسهل أن تضعي لي فتات الخُبز على كتفيكِ .

الكلام عنّا على أية حال يوجعني , ويوجع العصفور الذي ما حط على كتفيك , يُبكي السّمك في الماء , والعصفور في السّماء , يوجع أصدقائي , ويوجع خصومي , يوجع حتّى الموتى , يوجع العشّاق وأخشى ان يتراجع بعضهم ..

أنا قُلتُ أني أحبّك , فهززتِ ساقي بعنفٍ شديد .

————————–

13 –
الفنّ البسيط لدرجة التعقيد , الممكن لدرجة الاستحالة , الذي في متناول اليد لدرجة الطّيران من القلب .

هكذا بكل ببساطة ..

 

ميسّي .

مرّ أمامي اليوم مشهد مؤلم للولد الذهبي  ليونيل ميسّي في المباراة النهائية في كأس العالم .
هذا المشهد لا علاقة له بخسارة لاعبي الأرجنتين الكأس أمام الجنس الجرماني المتفوّق .

كان ميسي يتقيّأ في طرف الملعب .
كان يحاول أن يُخرج ما في بطنه , ولم يستطع .

وبرغم أنّ الجميع كان منتبهاً للكرة الوحيدة التي لم يستطع ميسي إدخالها في مرمى الألمان , إلا أن الكل لم ينتبه لما كان يحاول ميسّي إخراجه من جوفه .

هذا المنظر آلمني كثيراً , لأني أعتقد أن ما كان يحاول ميسي إخراجه من بطنه هو الجمهور الذي ” شاله ” على ظهره من أجل وطنه , أرجنتينا .

زمان , كنت أراقب ولد قصير ممتليء بكتفين مقوّستين ناحية رقبته , إسمه ديجو آرماندو مارادونا , كنت محظوظاً كوني شهَدت خروج المعجزات من قدميّ ذاك القصير .

كان يلعب بلا أيّ ضغوط , بلا جماهير تملأ بطنه , كان مرتاحاً جداً , ومتجليّا جداً ,

و ..

( آبرا كادابرا ) … كأس العالم يختفي من دولة المكسيك , ويظهر فجأة في دولة الأرجنتين .

اليوم وأنا أشاهد إبني حسين , أو ( حسين الحزين جداً ) كما سمّى نفسه بعد فوز الألمان ..

لم أشكّ لحظة في أن الولد الذهبي , ليونيل ميسّي هو معجزة ارجنتينية ثانية وقادمة .

لكن لاعبي كرة القدم ليسوا أنبياء , الأنبياء فقط من يصنعون المعجزات تحت وطأة ضغط نفسي رهيب ..

العكس يحدث مع لاعبي الكرة وهو ما حدث مع مارادونا في العام 86 لأنه كان يحضّر تعويذاته السحرية لوحده , و لم يحدث في العام 90 , لأنه تعرّض لما تعرض له ميسّي الآن ..

أن يحاول جمهور المسرح أن يدخل في رأس الساحر .

أن يبلع ملايين البشر في عقله , ثم يتقيأهم وحيداً دون أن ينتبه له أحد …

ميسي يوم أمس حمَل الكرة الأرضية بأكملها مثل العملاق الإغريقي الأسطوري ” أطلس ” على ظهره , كانت الأرض تدور بين كتفيه في أمان , بينما انحنى هو ليتقيأ دون أن ينتبه له أحد .

General Thade

roth

العُقم الإداري , ليس أنّك لم تنتج شيئاً مثمراً لصالح إدارتك فقط ..
بل هو أيضاً أن تتولّى الإدارة لأول مرة بعد عُقم دام 11 سنة .
تلك كارثة بكلّ المقاييس , كارثة تشبه أن تحبس كلباً في قفص لفترة طويلة جداً وتضع عظمة خارج القفص , وتقف أنت وأصدقائك بجوارها ..

ثم تفتح الباب , تأكّد أن الكلب سيتجاوز العظمة إلى يدك .

لهذا يُقال دوماً أن الكلب يعض اليد التي مُدّت إليه .
لهذا احذر إن تعيّن على رأس إدارتك من مدّ لسانه سنوات يلهث باتّجاه عظمة على كرسي .

ما يحدث في عالما العربي أنّ البشر أمثالنا أصبحوا داخل الأقفاص , والحمير والقِرَدة والكلاب هي التي تتفرّج علينا , وتناولنا الموز والفزدق , وترمينا بالطّماطم الفاسدة وقشر البطّّيخ ..
إنّ ما يحدث في عالمنا العربي ; أن من يجلس على كرسي الإدارة يجب أن يحمل من المؤهّلات ما يكفي ليكون حماراً .. أي أن يملك أذنين طويلتين , وذيل , وبلا عقل .
ما يكفي ليكون ثوراً , أي أن يهاجمك لمجرّد أنّك تقف منتصب القامة كفارس أسبانيّ .
ما يكفي ليكون غراباً , أي أن يخرب الإدارة ويقف على تلّها .

الفرق بين أفلام الخيال , وأفلام الخيال العلمي ..
أن الثانية مبنيّة على نظريات علمية قد تتحقّق مستقبلاً , لذلك من شاهد فيلم ” كوكب القردة ” سيفهم ما كتبت أعلاه ..

القبيلة

الـقـبـيـلـة ..

أنا أؤمن بالانتماء للتّراب , للأرض , للمكان .
لا للقبيلة .

لأن الانتماء لمجموعة كبيرة من الأفراد في نظري هو أقرب للا إنسانية , وأنا لا أعيش تحت طائلة قانون القطيع .
لم أمشِ يوماً وراء خطّ طويل من الفِيَلة , أو قطيعٍ من النّعام , .
ولا يمكن أن يحكمني شيخ يحمل شهادة من الكُتّاب , أو تحكمني عادة قَبَليّة متخلّفة , أو ينتقد تصرّفاتي رجُل لم يتحرّك في حياته كلّها إلا في مساحة لا تتجاوز العشرة كيلومترات في عشرة كيلومترات .
رجل لم يرَ العالم الآخر .

هم ينكروني هناك كما أنكرهم هنا ..
ولو خُيّرت ; لاخترت أن ألغي لقب القبيلة من دفتر أحوالي ..

وفي العمل وبين الأصدقاء لا أحب إلا أن ينادوني بإسم العائِلة , لا بلقَبي القَبَلي .
وأنا أربّي أولادي على هذا .
أن يُخلصوا للعائِلة , والمَكان .
أن يحبّوا البلَد المقدّس الذي تربّينا فيه , على أن يقدّسوا لقَب لم يختاروا الانتماء له .
على أن يعظّموا شعائر قبَليّة مُبالغٌ فيها , لا تغني ولا تسمن .

نحن في الحِجاز أناس بُسطاء , أبسط مما تتخيّلوا .
لا نقيس الرّجولة , والكفاءة للشخص بمدى حفظه لـ ” إكليشيهات ” الولائم .
كـ ( كثّر الله خيرك , وجاد الله عليك , وأنعم الله عليك ) ,
ومتى يقولها , وتحت أي ظرف , وفي أي مناسبة , وبعد من , وقبل من ..
كما يفعلون في بادية نجد , أو أغلبها حتّى أكون منصفاً .

من يدخل بيوتنا يأكل من طعامنا , من الطعام الذي يُعدّ كلّ يومٍ في البيت , وهذا في نظري غاية الكَرَم أن نعتبر الدّاخل من أهل البيت ..
نحن هنا لا نعرف إلا ما يُسمّى بالذّوق , والذّوق في بروتوكولات الولائِم عندنا ألا تترك المائِدة قبل ضيوفك , وأن تأكل بأناقة ونظافة .. وبس .! ..
ونقبل بعد ذلك أي دُعاء بدوام الصحّة , أو النّعمة , .. بأي سيناريو وبأي صيغة .

إنّما هناك ..
يوجد نصّان مقدّسان لا يقبلان التحريف .
القرآن , و ” جاد الله عليكم وأخواتها ” …

مُدّ يديكَ وضَعْ لي جريدة

حسين سرحان في مكتبته بمكة المكرمة - Copy

أنكرتُ من كتبي ما كنت آلفُهُ :: ما لم أبعهُ فقد أطعمتُ نيرانا
أاَكل العيشَ أم أُعنَى بفلسفةٍ :: لَشَدَّ ما كنت يا ” سرحان ” غلطانا .


حسين سرحان

——————————

هذا الرّجل , الذي لمّا وقفت أمامه جائعاً وصغيراً رمى عليّ عباءته , وسقطت عليّ مثل ليل بارد ولطيف ..

أنا أفتقدهُ كثيراً , وإلى الآن بعد مرور 17 سنة على وفاته , لا زلت أحلم وبشكل متكرر أنّه يضع لي الصّحف اليومية بعدما يفرغ من قراءتها بجوار ” الثلاجة ” , كما كان يفعل دوماً , وكأنه يعرف أن فأره الصغير الذي يأكل الكتب والورق سيمرّ بعدما ينام كل من في البيت , ويقرض ما تبقى من أخبار الصباح , ..

كنت أعرف مواعيد نومه , ومواعيد صحوه . وعندما ينام كنت أحبوا على يدي وقدمي إلى الفراغ الذي كان بين ثلاجته وبين حوض الغسيل لآخذ الصحف اليومية , كنت أتحرك بخفّة وخبث وخوف , مثلما يتحرّك فأر باتّجاه قطعة جبن .

لكنه كان يعرف مواعيد وصولي ولا ينام ! , وكان يراقبني بحذر شديد
كان جدّي يريد أن يستأنس الفأر , قارض الكتب في داخلي , فأن يخاف طفل صغير من أن يقبض عليه صاحب البيت بجريمة أكل صفحتين , خطيئة كبيرة في ديانة جدّي , لذلك حاول كثيراً أن يتآلف معي , وأن يقنعني أن التعايش بين الفأر وبين السيّد والكتب الكثيرة هو أمر ظريف .

لازلت أحبوا كثيرا في منامي

فِراس

ما حدث اليوم ; لا أحمّلك مسئوليّته بالكامل , ولا بشكل غير مباشر ..

أنا أتحمّل جزءًا كبيراً منه ..
والجزء المتبقّي ..
ربّما يتحمّله دخولك في توقيت سيّء .. حظّك ” دكر” .. ماذا أفعل .! .

ربّما لم أكن مهيأ لردّ غامض ومحيّر كردّك عليّ , ..
ربّما لم أكن بحاجة منك لتفسير يزيد الردّ غموضاً على غموض .
ربّما هو سوء فهم , ربّما سوء تعبير , ربّما سوء تلقّي , ربّما سوء حظّ ..

ربّما أنّه _ بالفعل _ من الصّعب , الصّعب حقيقةً , الصّعب للأسف الشديد .. أن أكون ” بني آدم ” أفضل ..

كما قيل لي قبل دقائق ..

وبرغم التّوضيح , وبرغم الاستدراك , وبرغم كل شيء ..
إلا أن تلك العبارة رشَقَتْ كاحِلي , وقتلتني , ومتّ مثلما ماتَ ” أخيل ” .

” أخيل ” الفارس , المستفزّ , النزق , المغرور ..
الذي لا قلب عنده , الذي لا رحمة لديه , الذي لا يتذكّر وجه ضحاياه ..
مات بثلاثة أسهم في كاحله .

أنا , أنا مازن , الذي بلا قلب , الذي بلا رحمة , الذي لا يتذكر وجه قصائده ..
زعلان .. زعلان بشكل طبيعيّ , وإنسانيّ , وغير مخطّط له .. وطق خلقه , ويمشي بسهمٍ في كاحله ..

بس .. خلاص .

شايلوك المرابي

– ” مـالـذي سـتـسـتـفـيـده عـنـدمـا تـقـطـع لـحـم أنـتـونـيـو ” * ..

* لمّا لم يستطع أنتونيو الوفاء بدينه على شايلوك وكانت عقوبة التأخير حسب العقد أن يقتطع رطلاً من لحمه , وتحديداً أقرب مكانٍ من قلبه

—————————
لأستخدمهُ طعماً للأسماك .! , وإن كان لن يشبعَ أحداً فهو سيشبعُ انتقامي ..

لقد أهانني , وحرمني من نصفِ مليون .
سخرَ من خسارتي , وتهكّمَ على ربحي .
لقد احتقرَ شعبي , عرقلَ صفقاتي , أبعدَ عنّي أصدقائي , أكثرَ من أعدائي .
ولأيّ سبب .؟! ..
…. أنا يهودي .

أوليس لليهوديّ عينان .!
أوليس لليهوديّ يدان .!
أعضاء , أبعاد , أحاسيس , عواطف , أهواء .! .
ألا يأكل الطعام ذاته .
ألا يتعرّض لجرح من الأسلحة نفسها .
أليس عُرضة للأمراضِ ذاتها .
ألا يشفى بالأدوية ذاتها
ألا يشعر بالبرد والحر في الشتاء والصيف كما يشعر بهما المسيحيّ .

إن وخزتمانا ؟ , ألن يسيل دمنا .؟! ..
إن دغدغتمانا ؟ , ألن نضحك .؟! ..
إن سمّمتمانا ؟ , ألن نموت .؟! ..
إن أخطأتم بحقّنا ؟ , ألن ننتقم .؟! ..
لو كنا مثلكم في باقي الأمور , فنحن نتشابه في هذا .

إن أخطأ يهوديّ على مسيحي فماذا يكون جرمه ؟ .. انتقام ..
إن أخطأ مسيحي على يهودي ماذا يكون عذره وفقا لشريعتكم ؟ .. الانتقام دون شك .

سأنفّذ الشر الذي تعلموني أياه , وسيكون فظيعا لأنني سأتمادى أكثر ممن سبقني .

————————————

آل باتشينو مجسدا دور شايلوك المرابي في تاجر البندقية

إليكم .

أنا أسكنُ هذا الدّفتر ..

لكن بربّكم لا تفتّشوا في دفتري كثيراً .
لا تصحّحوا لي عبارة , ولا ترسموا لي دوائِرَ حمراء , ولا تُسجّلوا لي أيّ علامة قبل أن تقرأوا إجاباتي مرّة ومرّتين وعشرة ..
لا تنكشوا القشّ الذي جمّعتهُ في قلبي الصغير بإبرة , فلن تجدوا أيّ شيء ..
لا تُلقوا بغوّاصين ليسبحوا في شراييني , فلن يجدوا أيّ شيء ..

لا ترسلوا لي قططاً على بابنا , ولا عصافيرَ على شُبّاكنا , ..

إقرأوني فقط , فقط ..
واتركوا علامات الاستفهام تهربُ من هنــا كقطيع نعامْ ..

امـرأة فـوق الـمـلام .


” اعـتـذار ” , كـُـتـِـب فـي : 29 – 7 -2003

أعرف أنني أغضبكِ كثيراً , ولا ألومك ,

لأنكِ _ وهذا الكلام بيني وبينك _ إمرأة فوق العتَب , لأنكِ امرأة فوق الملام ,

ويبدو أنني لم أفهمك , أنا ألوم نفسي كثيراً على هذا , وألوم نفسي لأنني لم أرقَ لكِ مدارج الرضا .

صدقيني :

أنتِ شيء فاخر جداً ولا يوصف , و” فوق المستوى ” , ولا أستحقك

ولكنني أحبك , لا أنكر هذا .. كما أنني أشكر فضل الله و” أبوس إيديّا وش وظهر ” , أنه خلق للكون كله امرأة مثلك .. ثم .. ببساطة وكرم شديدين .. وهبني إياك ..

أود الآن لو أنني جالسٌ عند ركبتيكِ , أمسكُ طرف ثوبكِ بيديّ هاتين .. أعتذر وأبكي ..

سيدي المدير .

أقـدّمُ لــكَ أكـثـر الــمـدراء نـجـاحـاً فـي الـتـّاريــخ .
” الـشـّـيـطـان شـخـصـيـّـاً “

أنا أحترم ” الشيطان ” جدّا , والاحترام هنا لا يعني الاتّفاق معه بأيّ حالٍ من الأحوال ; لكنّ هذا يا سيّدي لا يُلغي أنّي أحترم فيه الأسلوب , المُثابرة , الإمكانيّات , القدرات , الإصرار , والتّركيز على الهدف حتّى يتحقّق .

هذا المخلوق النّاري لا يزال يُدير نصف الكون بجدارة فائِقة , بل وتعدّى ذلك إلى أنّه استطاع أن يسيطر على نسبة كبيرة من النّصف الآخر , ..
هذه النسبة آخذه في التّزايد يا سيّدي , آخذه في التزايد .

إنّ القُدرة على إدارة مجموعة كبيرة من المخلوقات العجيبة , والمتغيّرة , والمتمرّدة , والخطِرة , والتي لا تعرف الرّحمة بهذه السلاسة التي لم تتأثّر عبر قُرون طويلة , تعني أن الشّيطان نفسه بإمكانه أن يصبح مديراً جيّداً .
إن لم يكن قد أصبح فعلاً أهمّ وأفضل مدير في التاريخ .

النّمل تقوده نملة واحدة تافهة وحقيرة , ..
الطيور , الخرفان , الجمال , الفئران وكل المخلوقات غير العاقلة لديها القدرة على القيادة ..
حتّى حمار الوحش في الغابة لديه القدرة على قيادة قطيع كامل من الحمير ..
.
.
ببراعة .

لكن هنا , لا أتحدّث عن الكون العظيم يا سيّدي , ولا عن غابة أو صحراء أفريقيّة ….
أنا لا أتحدّث عن الحمير .
أنا أتحدّث عن فراغ أسمنتي لا يتجاوز الستّ طوابق ..
بعض من تولّوا منصب المدير لم يستطيعوا أن يرتقوا لمرتبة ” آدميّ ” كما أن مجتمع الشياطين لم يقبل بهم ..
أصبحوا مُسوخ في زمن تُدار فيه معركة كونيّة بين الإنسان وبين الشّيطان .
هؤلاء الحَيارى في جنسهم , وفي انتمائهم الأخلاقي فشلوا في أن يديروا مجتمع وظيفي صغير يتكوّن من عشرين موظّفاً فقط .
فشلوا في السّيطرة على عشرين ” بني آدم ” , كان كلّ ما هو مطلوبٌ منهم أن يصبحوا أكثر إنسانيّة وأكثر سيطرة وفشلوا .! , فشلوا في التحكّم في عشرين إسماً .

هل تصدّق هذا ! .

إن الإدارة ليست إصدار أوامر , بل هي _ من وجهة نظري الخاصّة والشخصيّة وغير الملزمة لك يا سيّدي _ هي الطريقة التي يُصدر بها هذا الأمر .

في حقيقة الأمر إنّ فشل رجلٌ واحد في إدارة مكانٍ واحد بسيط وصغير ومُغلق يعني أنّنا سلّمنا الأمر للشّيطان مرّة أخرى ..
كيف استطاع ” الشّيطان ” أن يسيطر على ثلاثة أرباع هذا العالم .؟! ..
صدّق أو لا تصدّق ..
فقط عبر أمثال هذا المَسخ الذي لم يستطع أن يصبح إنساناً , وفشل في أن يجتاز اختبار الشّيطنة .

ماذا يحدث عندما يتحوّل مدير إدارة إلى عدوّ لموظّفيه , العدوّ الأوّل والأكبر لمجموعة كبيرة من موظّفيه .
لا شيء , سوى أنّهم سيمرّوا عليه بأقدامهم ويسحقوه دون أن يشعروا به .
متى يحدث هذا , الله وحده يعلم ذلك ..
الله يعلم ذلك , والشيّطان ينتظر فرصةً مهمّة كهذه حتّى يحتلّ مكاناً كهذا .
إن لم يكن احتلّه بالفعل .
لكنّ هذا اليوم سيأتي , الثّورات العظيمة في كلّ العالم كانت بسبب قائِد فاشل , وشعب رافض , مشى مثل القطار على جسد حكّامه دون شفقة وبلا رحمة ..

أنا أتحدّث معك الآن ولا أروّج لنزاهتي , أو قدراتي , أو كرامتي , ولا أستعرض أمامكم عضلاتي الكِتابيّة .
لكنّي أعرف أنّي مررتُ بتجارب عديدة , وأنّي ” اسفنجة ” آدميّة .
امتصّيت كلّ الخبرات التي تسرّبت من تحتي , ومن فوقي , وبجانبي , ومن خلالي .. عبر رؤساء أداروني بكلّ اقتدار , وعبر مرؤوسين أدرتهم بكلّ أمانة .

نحن نعلم يقيناً أن البضاعة الرديئة تُلفَظ من السّوق عاجلا أو آجلاً , لا يشتريها أحد وتكسد حتّى تبلى .
البضاعة الجيّدة تسود .. وتنتشر
قبل أن تمضي يا سيّدي الكريم , إغرس شجرة طيّبة .
روّج لبضاعتك , أنت تاجِر شاطِر لا أشكّ في هذا أبداً .