زميلة .

بعد بحث كبير في ملفّك في ذاك المنتدى تأكّد لي أنكِ أنتِ من ” نشلني ” وأنا واقف ع المحطّة .

اسمعيني جيّداً ..
أنا يا سيّدتي كاتب على باب الله , كاتب غلبان جداً وفي حالي . ..
أستلم راتبي في آآآآخر الشّعر :
كلمة شُكر , وردة , أو هذه الـ ” الله ” التي تطلع من القلب ..
لا كُتب تُطبع لي , ولا صُحُف تنشر لي .

لكنّي برغم هذا ” اتنشلت ” .! .
اتنشلت ككلّ الموظّفين الغلابا ..
أنتِ مددتِ يدكِ داخل جيبي وأنا أكتب , داخل محفظتي الشّعرية , داخل قلبي ونشلتِ كلّ الكلام .

منيرة .

– [ وكان يصل في هذا المنحى إلى حالات خيالية من الإلهام ,ففي أحد الأيام , تذوق قليلا من شراب البابونج , ثم أعاد ما شربه بعبارة واحدة : ” هذا الشيء له طعم نافذة ” ..” . ماركيز .
إلى أين يوصلك الإلهام كأقصى مدى ؟.. هل تذوّقت طعم نافذة ] ?

—————————————— ناعِسة .

وأنا صغير , صغيرٌ للغاية ..
كانت تسكن خلفَ بيتِنا امرأة عجوز من عنيزة ..
وعبر فتحة ضيّقة تتّسِع _ فقط _ لخمسِ قِطط ٍ , وطفلٍ صغيرٍ كنّا نتسلّق سُلّماً طويلاً , ..
كنّا بالترتيب :
قطّتين كبار , ثمّ أنا , ثم ثلاث قطط صغيرة ..
ونتسلّل إليها عبر شُبّاك المطبخ , أقصد أنا والخمسُ قططٍ الصّغيرة ..

” هل تذوّقت طعم نافذة ” .. ؟! ..
نعم .! , نعم يا سيّدتي تذوّقت ..
فعبر تلك النّافذة كانت تلك المرأة _ منيرة _ تُرضعني حليبها كلّ يوم , ..
كانت تلك المرأة أمّي من الرّضاع ..

كانت رائِحة الفُل , والنعناع , والنارجيل تعبّق شَعرها , والبُستان الذي تسكن فيه , وفِراء القطط الصّغيرة ..

الآن يا ناعسة وأنا أتذكّرها كثيراً , كثيراً ; وطعمُ اللّبن لا يزال في فمّي , طعم الأمّ !..
أستطيع أن أؤكّدَ لكِ ..
لمّا ماتت هذه المرأة انحنى النّخل في بلدتها الصّغيرة ثلاثة أيّام , ووقفت تلكَ القطط على السّلَم دقيقةَ حداد , ..

الكلاب .

احترامي الكامل لكم ..

أحياناً من المؤلم أن أكون على حقّ .
كانت لي نظريّة خاصّة في ما يتعلّق بالصّداقة , خصوصا صداقة الرّجل للرّجل .
أنّي أعتقد أنّ تربيتكم أفضل من مصاحبة رجل .

مع كامل احترامي لمن تبقّى من أصدقائي .
لكن البعض الآخر استحقّوا أن يتفوّق عليهم مخلوق مثلكم ..
غير آدمي , غير نظيف , ويُلقي فضلاته في أيّ مكان ..

اليوم ..
أحدهم غسلت العشر سنوات التي قضيتها معه سبعاً إحداهنّ بالتّراب .

و X كبيرة كعادتي .

الصغير مازن , الكبير حسين

وأنا صغير؛ صَعُبَ عليّ كثيراً أن أغازل القصائِد التي تجلس قُرب جدّي ”رحمه الله” ،..

كان صعباً عليّ أن أتحرّك بسُرعة وبخِفّة؛ أن أميل وأُلقِي بمنديلٍ مكتوب فيه ” كلمتين حلوين”، وأهرب..

أن أدُسّ في يدّ أيّ منهنّ بطاقةً تحمل اسمي، ورقم هاتفي، وبيتينِ شعر، ووردة، وأهرب..

بينما جدّي _ في الوقت نفسه _ كان يغمسُ سبّابتهُ في قارورة عطر ويكتب البيتَ وراء البيت على أجسادهنّ، ..

خِفت إن تحرّشت بقصيدة أن تسخرَ منّي، ثمّ ”تفتن” عليّ عند

جدّي..

خفت إن حاولت أن أقفَ أمام شاعرٍ بقامة جدّي؛ أن يدوسَني بشِعره ويمشي عليّ أمامهنّ دون أن يشعُر..

لكنّني في كلّ ليلة وبعد أن ينام، كنت أسرق قارورة العِطر، وأعدّ أصابِعي، وأكتُب.

لذلك دعوني أكشف لكم سِرّا.!

حينما كَبُرت وبدأتُ أخرِجُ النّساء، والنّجوم، والوردَ، والأطفال، والحلوى، والخُيول، والطّيور، والسّناجب، والأشجار، والمطر من أكمامي أمامكم؛ لم أكُن أمارس السّحر، أو خِداع البصر، أو خفّة اليد..

حدث ذلك لأنني ربّيت في كُمّي قصائِدَ كثيرة وأنا صغير دون أن يعرف أحد.. و .. ”من ورا جدي”، ..

جدّي الذي ماتَ دون أن يكتشِف أنّ حفيده ذا العشر سنين .. كان ” يكتُمُ شِعراً ” داخلَ كُمّه، ..

مات دون آن يعرِف أن حفيدَهُ الصّغير الآن استطال كقصيدة، وانتظمَ كقافية، وقال شِعراً.

آدم .

كثيرٌ على الرّجل أن تعشقهُ امرأة .
كثير , أو أنّ هذا الأمر أكبر من أن يدركه الرّجل

إنّ محاولة إدراك هذا الامر تشبه محاولة الكشف عن الله نفسه ..
الأمر أكبر من أن ندركه , أكبر من عقل رجل ..
لذلك من يحاول الكشف عن ماهيّة الخالق يجنّ دوماً بعد أن يفشل ..
من يحاول إستيعاب عشق امرأة له , هو رجلٌ فاشل ومجنونٌ بطبيعة الحال .

المرأة العاشقة هِبة ربّانية لا يستحقّها الرّجل , شيء يشبه الجنّة ..
الجنّة التي لم يستوعبها آدم , وسرق منها تفّاحة , فقرّر الله أن يعاقبه , ويضعه في مستوى أقلّ بكثير حتّى يتعلّم ويتعلّم ويتعلّم , ثم يقرّر ما إذا كان يستحقّ أن يعود إليها أو يحيا في الجحيم ..

شيء نحن أقلّ منه , ويجب أن نتعب على نحصل عليه مرّة أخرى ..

يهوذا آخر .

مسألة وقت ; ويرميك الآخرون بالطّين , والبيض الفاسد ..

وأنا ألوّح بقبضتي في الهَواء ..

أمثالي يسودون هذا العالم .

موعد .

بعضُ ظنٌي لا يكفرُ بالمواعيد الآثمة , أنا الآن مطرٌ حزين ; وأنا قادمٌ إليكَ كثيفاً , وعلى مهل ..
يا حبيبي أنا قادم ..

أنا قادم .

كُن عُشباً في كفّ حبيب , كُن شعرَ امرأةٍ تركضُ دون مظلّة , رتّب خطواتي , شطّا أبيضَ خالٍ وطويل , وادٍ , بحراً , كُن بُرعم وردة , كُن ذنباً لا يغفره الله , كُن دفتر يوميّاتي , نقّط كلماتي , كُن حبّي الأوّل , وجعي الأوّل , تعبي الأوّل , ذنبي الأوّل ….
وأنا قادم كي نغتسل سويّا ..

حبيبي .. يا حبّيَ المغرور , يا حبّيَ المتهوّر , يا حبّيَ العنيد , يا حبّيَ الذي لم يفهمني ولم يرحمني , … .

يا حباً لا يتكرّر مثل الصّدفة , يا حبّاً لا يتأخّر مثل الأقدار , يا حبّاً لا يتغيّر مثل كلامِ الله .

إنزل من عند الله .! ..
يا مائدة الله , يا مطرَ الرّوح , يا دعوات تصعدُ من قلبي تنزلُ من ربّي , يا فاكهة الجنّة , يا خمرُ يا رمّانُ يا سكّرْ , يا نُدَف الثّلج الأبيض , يا أفضل يا أغلى يا أكثر ..
إنزل بلّلني , إغسلني , أدخل من بين ضلوعي , ومن بين أصابع قدمي , من وبين اصابع يدّي , حُلّ ضفائر شعري , حُل ضفائر حُزني .
..

منافق في العمل .

السّياسَة في تعريف بعض المتخصّصين هي :
لا توجد صداقات دائِمة , ولا عداوات دائِمة ; ولكن توجد مصالح دائِمة ..

السياسة كما يعرّفها ” نجاح الموجي ” لـ ” جورج سيدهم ” في مسرحيّة المتزوّجون :
” يعني لما توفّق بين راسين في الحلال , تبقى سياسة ” ..

– دي سياسة امّك دي ———– ” جورج سيدهم ” .

أنت , قل لي : أيّ سياسة تُمارس معنا هناك !..

وحــيــد .

” مـوت لا يـلـيـق بـشـاعِــر “

————————–

لأني خسرت حروبي الأخيرة ..
فإني أموتُ , وأهربُ , وأتركُ كلّ شيء ورائي
لأن حياتي معاكم صارت قصيرة , فإني أموتُ , وأرحل , وأترك خلفي صوت بكائي ..

————————–

وإنّي أموتُ سريعاً ..

قبل حلول الكلام .

وكلّ السّطور التي كتبتُ إليكُم صارت حِبال , وكلّ الهموم التي مالت عليّ صارت جِبال , وإني أموت سريعاً قبل حلول الكلام .

وإني أموتُ قريباً , وأترك عُمري لكم , وأترك حُزني لكم , وفرحي القصير الذي لم يدم سوى ضِحْكَتين , وبيتي القديم , وغرفة نومي الصغيرة قبل سنينَ طوال , ولعبةً لم يتوفّر لي حظٌ كبيرٌ لأشتريها , ولم يتوفّر لي وقتٌ طويل لألعب فيها , وإني أموت ..
قبل أن أكمّل واجباتي المدرسيّة , وقبل أن أجهّز شنطة سفري , وقبل أن أعدّ لنفسي العشاء الأخير ..

مع المجدليّة .

وإني أموتُ صغيراً , وأترك ثوبي الممزّق من عند كمّي القصير, ومن عند جيبي , ومن عند قلبي الحزين بشكل كبير ..

وإني أموت , وقد لا أستطيع سماع الذي قد يقال, ..

عنّي , لأنّي هناك ..

وإني أموتُ قبل أواني , كفرح اليتامى
وإني أموت قبل كلامي .. إليكم , يطير حماما
وإني أموت غريباً , كمجنون ليلى , وحيداً , وحيداً , وحيداً لا أثير الإنتباه .. إلا بعد سنينَ طوال

وقد أطلّ عليكم من بين النجوم , وقد أشير إليكم ..
وقد أطلّ برأسي الصغير من بين الغيوم , وقد أنادي عليكم :

” سلاماً سلاما ” ..

وقد تسمعوني , و قد لا تسمعوني .! .

وإني أموت جميلاً بشكلٍ مرتّب , وشكلٍ منظّم , وشكلٍ أنيق ..
بشكلٍ يشبهُ استقامة رمحٍ , وقوف مؤذّن , دُعاء نبيّ , كرامة عاشقٍ , وطول ملاك .

وإني أموت قبيحاً بشكل يشبه فوضى حياتي , وأبلعُ ملحاً ينزّ من عيني الصغيرة ووسط جفوني ..

وقت البُكاء ..

وإني بكيتُ كثيراً حتى تعبت , تعبتُ كثيراً حتّى كتبت , كتبتُ كثيراً حتّى بكيت ..
وضعت كثيراً بين حروف الأبجديّة , وإني صغيرٌ على غَزلِ القصائِد ولا أتقنُ صُنع الجمال ..
ولا أستطيع كِتابة سطرينِ بشكلٍ يليق .

وقد أستقيل قبل وفاتي , وأكتبُ سبباً يقولُ :
لماذا استقلت .! .

وقد أطلق على شِعري الرّصاص , وابحثُ عمّن يلمّ رفاتي , وأترك ورقاً يقولُ :
لماذا انتحرت .!

شكسبير .

” هل كنتَ سفّاحاً , أم شاذّاً ” ؟! ..

———————————

شكسبير قتل أغلب أبطاله ..
واحداً تلو الآخر , وإن لم يفعل ذلك بشكل كامل فيكون على الأقل قد حوّلهم على قَتَلَة .
خلقهم من العدم , ثم زرع الحب في قلوبهم , ثم قتلهم بكل قسوة , وبكل عنف , وبكل دموية , ودون رحمة , ..
وفي تراجيديا مذهلة ; جعلهم يقتلون بعضهم البعض أمامه , وأمامنا .. على خشبة المسرح .! ..

حرّض جولييت على الانتحار , وقتل روميو وراءها , وقتل عطيل بعد أن قتل دزديمونا بـ ” شوال ” مليء بالرمل , ..
وحوّل هاملت إلى رجل كان يقتل دون وعي , وقتل الملك لير , وماكبث كان سفاحاً ومجنوناً , قتلهم وقتل كل من اقترب منهم .. أغلب أبطاله إما قتَله وإما مقتولين .
قتلهم جميعهم , وقتلنا معهم في لحظات حزينة جدا , ومروّعة جداً , وصادمة جدا .

مالذي يجعل كاتبا مهما كشكسبير يخلّق كائِنات رومانسية وحالمة ومحبة وهائمة ورقيقة , ثم يحوّلها _ في لحظة غير متوقّعة إطلاقا _ إلى وحوش متعطشة للدّم , والانتقام , والقتل , ومليئة بالنزعة الانتحارية .؟! ..

لماذا تركنا نحبّ معهم , ونحلمُ معهم , ونشتاقُ معهم , ثم حوّلهم إلى خونة وقتلة ومتآمرين ..
ثم ذبحنا معهم في المشهد الأخير .؟! ..

في كل مرة يفتح فيها شكسبير السّتار , نبدأ الفصل الأول .. ونحن نعلم يقينا , يقيناً ..
أن أبطاله سيموتون قتلا أو انتحارا أو غيلة في الفصل الأخير .
ومع ذلك , كنا نقرأ ونحب , نقرأ ونشتاق , نقرأ ونحلم أن روميو _ مثلاً _ سيتزوج جولييت … هذه المرة ..
وأن عطيل سيتراجع عن شكّه القاتل .. هذه المرة
وأن هاملت سيتوقف عن فكرة الانتقام .. هذه المرة .
وأن الملك لير سيفيق من حمقه وسفهه .. هذه المرة .

لكننا في كل مرة , نُصدم بجرائمهم , أو بمقتلهم جميعا .

أنا ومن خلال قراءاتي المتكررة لتراجيديات هذا الرجل , بدأت أتساءل :
هل هذا الشاعر الرومانسي الحالم العبقري المثقف وصاحب الكاريزما العالية ؟! :
” قاتل ” ! , أم ” شاذ ” ! ..
أم كلاهما ؟! ..

أغلب أبطال شكسبير من الرّجال , كانوا ” في حالهم ” وكما يحدث لأيٍّ ممن يتورط في مأساة الحب , أحبوا فجأة ودون سابق إنذار .
روميو كان فتى عابث ومرفّه , ووقع في عشق إبنة ألدّ أعداء عائلته ..
عطيل كان قائدا قاسياً وغير متفرّغ لحياته الشخصية , وعشق امرأة من غير لونه ..
هاملت كان يبحث عن إجابة : يكون أو لا يكون .. وظل خلال أطول مسرحيات شكسبير جاهلاً بكينونته ..

كما ترون ..
الرجل في مسرح شكسبير غير متفرغ أبداً للحب ,
والمرأة في مسرح شكسبير تنتظر الحب على الشرفة كل فجر .

لذلك , يموت الرجال في مسرحيات شكسبير في لحظة كره , وتموت النساء في لحظة حب .

يموت الرجال في لحظة شك , وتموت النساء في لحظة ثقة
يموت الرجال في لحظة أنانية , وتموت النساء في لحظة تضحية
يموت الرجال في لحظة طيش , في لحظة غضب , في لحظة غباء , في لحظة حيرة ..

وتندم المرأة , قبل إقفال الستار تندم على أنّها وقفت على الشرفة .

حوّل شكسبير الرّجال إلى قتَلة , والنّساء إلى مجدليّات ..
هل كان شكسبير قاتلاً , أم رجلا ذو صفات أنثويّة .؟! ..
مازن غير ظاهر تقرير عن مشاركة مخالفة       الرد مع إقتباس