فِراس

ما حدث اليوم ; لا أحمّلك مسئوليّته بالكامل , ولا بشكل غير مباشر ..

أنا أتحمّل جزءًا كبيراً منه ..
والجزء المتبقّي ..
ربّما يتحمّله دخولك في توقيت سيّء .. حظّك ” دكر” .. ماذا أفعل .! .

ربّما لم أكن مهيأ لردّ غامض ومحيّر كردّك عليّ , ..
ربّما لم أكن بحاجة منك لتفسير يزيد الردّ غموضاً على غموض .
ربّما هو سوء فهم , ربّما سوء تعبير , ربّما سوء تلقّي , ربّما سوء حظّ ..

ربّما أنّه _ بالفعل _ من الصّعب , الصّعب حقيقةً , الصّعب للأسف الشديد .. أن أكون ” بني آدم ” أفضل ..

كما قيل لي قبل دقائق ..

وبرغم التّوضيح , وبرغم الاستدراك , وبرغم كل شيء ..
إلا أن تلك العبارة رشَقَتْ كاحِلي , وقتلتني , ومتّ مثلما ماتَ ” أخيل ” .

” أخيل ” الفارس , المستفزّ , النزق , المغرور ..
الذي لا قلب عنده , الذي لا رحمة لديه , الذي لا يتذكّر وجه ضحاياه ..
مات بثلاثة أسهم في كاحله .

أنا , أنا مازن , الذي بلا قلب , الذي بلا رحمة , الذي لا يتذكر وجه قصائده ..
زعلان .. زعلان بشكل طبيعيّ , وإنسانيّ , وغير مخطّط له .. وطق خلقه , ويمشي بسهمٍ في كاحله ..

بس .. خلاص .

شايلوك المرابي

– ” مـالـذي سـتـسـتـفـيـده عـنـدمـا تـقـطـع لـحـم أنـتـونـيـو ” * ..

* لمّا لم يستطع أنتونيو الوفاء بدينه على شايلوك وكانت عقوبة التأخير حسب العقد أن يقتطع رطلاً من لحمه , وتحديداً أقرب مكانٍ من قلبه

—————————
لأستخدمهُ طعماً للأسماك .! , وإن كان لن يشبعَ أحداً فهو سيشبعُ انتقامي ..

لقد أهانني , وحرمني من نصفِ مليون .
سخرَ من خسارتي , وتهكّمَ على ربحي .
لقد احتقرَ شعبي , عرقلَ صفقاتي , أبعدَ عنّي أصدقائي , أكثرَ من أعدائي .
ولأيّ سبب .؟! ..
…. أنا يهودي .

أوليس لليهوديّ عينان .!
أوليس لليهوديّ يدان .!
أعضاء , أبعاد , أحاسيس , عواطف , أهواء .! .
ألا يأكل الطعام ذاته .
ألا يتعرّض لجرح من الأسلحة نفسها .
أليس عُرضة للأمراضِ ذاتها .
ألا يشفى بالأدوية ذاتها
ألا يشعر بالبرد والحر في الشتاء والصيف كما يشعر بهما المسيحيّ .

إن وخزتمانا ؟ , ألن يسيل دمنا .؟! ..
إن دغدغتمانا ؟ , ألن نضحك .؟! ..
إن سمّمتمانا ؟ , ألن نموت .؟! ..
إن أخطأتم بحقّنا ؟ , ألن ننتقم .؟! ..
لو كنا مثلكم في باقي الأمور , فنحن نتشابه في هذا .

إن أخطأ يهوديّ على مسيحي فماذا يكون جرمه ؟ .. انتقام ..
إن أخطأ مسيحي على يهودي ماذا يكون عذره وفقا لشريعتكم ؟ .. الانتقام دون شك .

سأنفّذ الشر الذي تعلموني أياه , وسيكون فظيعا لأنني سأتمادى أكثر ممن سبقني .

————————————

آل باتشينو مجسدا دور شايلوك المرابي في تاجر البندقية

إليكم .

أنا أسكنُ هذا الدّفتر ..

لكن بربّكم لا تفتّشوا في دفتري كثيراً .
لا تصحّحوا لي عبارة , ولا ترسموا لي دوائِرَ حمراء , ولا تُسجّلوا لي أيّ علامة قبل أن تقرأوا إجاباتي مرّة ومرّتين وعشرة ..
لا تنكشوا القشّ الذي جمّعتهُ في قلبي الصغير بإبرة , فلن تجدوا أيّ شيء ..
لا تُلقوا بغوّاصين ليسبحوا في شراييني , فلن يجدوا أيّ شيء ..

لا ترسلوا لي قططاً على بابنا , ولا عصافيرَ على شُبّاكنا , ..

إقرأوني فقط , فقط ..
واتركوا علامات الاستفهام تهربُ من هنــا كقطيع نعامْ ..