منيرة .

– [ وكان يصل في هذا المنحى إلى حالات خيالية من الإلهام ,ففي أحد الأيام , تذوق قليلا من شراب البابونج , ثم أعاد ما شربه بعبارة واحدة : ” هذا الشيء له طعم نافذة ” ..” . ماركيز .
إلى أين يوصلك الإلهام كأقصى مدى ؟.. هل تذوّقت طعم نافذة ] ?

—————————————— ناعِسة .

وأنا صغير , صغيرٌ للغاية ..
كانت تسكن خلفَ بيتِنا امرأة عجوز من عنيزة ..
وعبر فتحة ضيّقة تتّسِع _ فقط _ لخمسِ قِطط ٍ , وطفلٍ صغيرٍ كنّا نتسلّق سُلّماً طويلاً , ..
كنّا بالترتيب :
قطّتين كبار , ثمّ أنا , ثم ثلاث قطط صغيرة ..
ونتسلّل إليها عبر شُبّاك المطبخ , أقصد أنا والخمسُ قططٍ الصّغيرة ..

” هل تذوّقت طعم نافذة ” .. ؟! ..
نعم .! , نعم يا سيّدتي تذوّقت ..
فعبر تلك النّافذة كانت تلك المرأة _ منيرة _ تُرضعني حليبها كلّ يوم , ..
كانت تلك المرأة أمّي من الرّضاع ..

كانت رائِحة الفُل , والنعناع , والنارجيل تعبّق شَعرها , والبُستان الذي تسكن فيه , وفِراء القطط الصّغيرة ..

الآن يا ناعسة وأنا أتذكّرها كثيراً , كثيراً ; وطعمُ اللّبن لا يزال في فمّي , طعم الأمّ !..
أستطيع أن أؤكّدَ لكِ ..
لمّا ماتت هذه المرأة انحنى النّخل في بلدتها الصّغيرة ثلاثة أيّام , ووقفت تلكَ القطط على السّلَم دقيقةَ حداد , ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.