مُدّ يديكَ وضَعْ لي جريدة

حسين سرحان في مكتبته بمكة المكرمة - Copy

أنكرتُ من كتبي ما كنت آلفُهُ :: ما لم أبعهُ فقد أطعمتُ نيرانا
أاَكل العيشَ أم أُعنَى بفلسفةٍ :: لَشَدَّ ما كنت يا ” سرحان ” غلطانا .


حسين سرحان

——————————

هذا الرّجل , الذي لمّا وقفت أمامه جائعاً وصغيراً رمى عليّ عباءته , وسقطت عليّ مثل ليل بارد ولطيف ..

أنا أفتقدهُ كثيراً , وإلى الآن بعد مرور 17 سنة على وفاته , لا زلت أحلم وبشكل متكرر أنّه يضع لي الصّحف اليومية بعدما يفرغ من قراءتها بجوار ” الثلاجة ” , كما كان يفعل دوماً , وكأنه يعرف أن فأره الصغير الذي يأكل الكتب والورق سيمرّ بعدما ينام كل من في البيت , ويقرض ما تبقى من أخبار الصباح , ..

كنت أعرف مواعيد نومه , ومواعيد صحوه . وعندما ينام كنت أحبوا على يدي وقدمي إلى الفراغ الذي كان بين ثلاجته وبين حوض الغسيل لآخذ الصحف اليومية , كنت أتحرك بخفّة وخبث وخوف , مثلما يتحرّك فأر باتّجاه قطعة جبن .

لكنه كان يعرف مواعيد وصولي ولا ينام ! , وكان يراقبني بحذر شديد
كان جدّي يريد أن يستأنس الفأر , قارض الكتب في داخلي , فأن يخاف طفل صغير من أن يقبض عليه صاحب البيت بجريمة أكل صفحتين , خطيئة كبيرة في ديانة جدّي , لذلك حاول كثيراً أن يتآلف معي , وأن يقنعني أن التعايش بين الفأر وبين السيّد والكتب الكثيرة هو أمر ظريف .

لازلت أحبوا كثيرا في منامي